الفضائل التي اجراها الله على أيدي الشماليين نحو اخوانهم في الجنوب)
ماأذكره هنا من الفضائل ليس من باب المنة على اخوتنا في الجنوب، ولكن من باب التذكير، والتنبيه والعتب على سوء المعاملة التي يلقاها اخوانهم الشماليون منهم، والتي تذكرنا بالمعسكرات النازية والاسرائيلية، ولأني لست صانع هذه الفضائل حتى أمُن بها، وإنما صنعها النظام في ذلك الوقت، ومن ورائه العلماء، والدعاة، ومشايخ القبائل المعروفون بحبهم لأهل الجنوب وغيرتهم عليهم، ثم القبول الكبير الذي لقيه هذا التوجه للوحدة من كافة أبناء الشعب في الشمال في الداخل والخارج
وليعذرني اخواني أن أذكرهم بهذه الفضائل التي نقلتهم من قرن الى قرن، ومن عصر الى عصر، ومن نظام الى نظام، ومن دستور الى دستور، ومن مسخرين الى أحرار، فمن ذلك
١- الوحدة التي تمت في عام ٩٠م برضى الحكومتين، والشعبين وبمباركة العالم لها من غير قهر ولا استعلاء من الطرف الشمالي
وهذه الفضيلة وان كان قد أملتها الظروف الاقتصادية السيئة لحكومة الجنوب في حينه، وتخلي الاتحاد السوفييتي عنها الذي كان يعيش أيامه الأخيرة، والديون الكبيرة التي تبلغ عشرات المليارات من الدولارات التي عجزت عن سدادها وتحملتها حكومة الوحدة،وان كانت كذلك هذه الوحدة مطلبا شرعيا يجب المصير اليه وتحقيقه، بغض النظر عن ذلك كله فإنها تعتبر بحد ذاتها مكسبا كبيرا لشعبين فرقهم الاستعمار منذ أكثر من مائة وخمسين عاما وكانوا شعبا واحدا وأمة واحدة ووطنا واحدا عادتهم واحدة، ولهجتهم واحدة ولحمتهم واحدة، وقبل ذلك دينهم واحد، بل انك تجد أحيانا الأسرة الواحدة منقسمة الى قسمين بعض أفرادها شماليون والبعض الآخر جنوبيون، أفلا يستحق مثل هذا الوضع منهم أن يتحدوا إنسانيا قبل ان يكون ذلك مطلبا شرعيا؟
لقد كسب الجميع من هذه الوحدة، ولم يخسر أيٌ من الطرفين، كسبوا التعبد لله تعالى بتحقيق قوله تعالى( واعتصموا) التي عجزت عنها بلدان كثيرة، وكسبوا القوة في النظام، والجيش،والاقتصاد، وكسبوا اعادة اللحمة بين الشعبين، وإزالة كل العوائق والحواجز التي تحول بين انصهارهم في مسمى واحد، وشعب واحد، وذلك من أكبر النعم عليهم
فهل جزاء من أسدى اليهم هذا المعروف أن يطردوه بعد أن آواهم، ويؤذوه بعد أن دافع عنهم، ويبغضوه بعد أن أحبهم( فهل جزاء الاحسان الا الاحسان)
٢- الحرية، ولا أعتقد أن أحدا من إخوتنا في الجنوب يجادل في هذا، ويقول: أنهم كانوا قبل الوحدة يتمتعون بكامل حريتهم من التملك، والسفر،والكلام، والعبادة، والدعوة، والتحزب، والتعدد،وغير ذلك، اذ كانت الحريات المشروعة وغيرها شبه معدومة، ولم تتحقق لهم هذه الحريات كاملة الا في ظل الوحدة المباركة
٣- التطور السريع في البنى التحتية، والعمران، والمنشآت، والطرقات واستخراج النفط، والغاز، وغير ذلك من المشاريع التطويرية التي نقلت الجنوب من عصر الاستعمار الى عصر الإعمار، ومن عصر التخلف، الى عصر التحضر، وليس راء كمن سمع، فلقد زرت عدن بعد الوحدة مباشرة فلم أجد مطعما واحدا راقيا، ولافندقا فخما الاواحدا، ولاكبينة اتصال الا عند صاحب بقالة، ووجدت تخلفا يعيدك عشرات السنين الى الوراء، ثم تعال وانظر اليها الآن قبل الحرب عليها، وانظر كذلك الى المكلا وغيرهما من المدن الكبيرة تجد مدنا عصرية حديثة، أكثر تقدما ورقيا من صنعاء، والحديدة، وإب،وتعز، والسبب في ذلك أنه تم بعد الوحدة التركيز على تنمية الجنوب أكثر من الشمال، فضخت اليه أغلب الاستثمارات الداخلية والخارجية، فهل جزاء مثل هذا الجميل هو التنكر له، وطرد السواعد التي ساعدت في بروز هذه التنمية وشموخها؟
٤- القضاء على الانفصال في عام ٩٤م اذ هو لايقل أهمية عن اعلان الوحدة، لأن فيه ترسيخا للوحدة، وتثبيتا لها، والعجيب أن فئة كبيرة من أبناء الجنوب شاركت في هذا الترسيخ، وهم اليوم أنفسهم، أو بعضهم، أو غيرهم يطالبون بإزالة هذه العروة بين اليمنيين، وإعادة الأمور الى ماقبل ٩٠، وليس ذلك من منطلق شرعي منهم لأن الشرع يرفض الانقسام رفضا باتا، ولكن من منطلق عصبي وعنصري، وهو أيضا يرفضه الشرع، ويؤكد على حقارة دعاته وجاهليتهم
وأخيرا ياإخوتنا في الجنوب نذكركم أن الوحدة فريضة شرعية، وضرورة بشرية، وأن بقاءكم في إطارها خير لكم من الاحتراب، والانقسام، والاستبداد، فإن هذا هو ماتشير اليه كل الدلائل والمؤشرات والدراسات فيما لو اخترتم الانفصال
ولأننا نحبكم ونحرص على مصالحكم فلن نرضى لكم بالانفصال ابدا، فإياكم أن تخدعكم الوعود البراقة، والشعارات الكاذبة فتمزقكم، وتنقلكم من الجنوب العربي، الى الجنوب الفارسي
ليست هناك تعليقات: