وعّاظ من طراز جديد ... احذر أن تكون واحدا من هؤلاء



( وعّاظ من طراز جديد) 

هؤلاء الوعاظ لهم علامات يعرفون بها، وسيما تميزهم عن غيرهم، فانهم للأسف اذا رأوا الحق قد علا وغلب اهله، وارتفعت أصواتهم به، ورأوهم قد دحضوا الباطل بقوة حجتهم، ووضوح محجتهم، واتزان أسلوبهم وطرحهم، اشرأبت اعناقهم، وتحذلقت السنتهم، وانبرت أقلامهم يعظون ويذكرون، ويخوفون ويرهبون اهل الحق من عاقبة صنيعهم، فيستدعون كل الأدلة التي تحضرهم في باب الأمر، والرفق واللين، والحكمة والموعظة الحسنة، والتيسير وترك التعسير، ويغفلون عمدا عن كل الأبواب الأخرى المضادة التي جاء بها الشرع الحنيف من نهي، وغلظة في موضعها، وحدود، وكلٌ من عندالله، فهل فعلهم هذا هو الحق؟ أم أنه تلبيس منهم، وكتم للحق والدين الذي أمر الله بابلاغه كله دون استثناء؟
انك لتعجب حقا من هؤلاء الوعاظ الذين هم فعلا وعاظ، ولكن من طراز جديد وعلى مذهب ابليس( اني اخاف الله رب العالمين)
افلا يحق لنا أن نعجب ياقوم ممن يذكرك بقوله تعالى( فقولا له قولا لينا) وقوله( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وقول النبي صلى الله عليه وسلم(( ان الرفق لايكون في شيئ الازانه، ولاينزع من شيئ الاشانه)) ويغفل عمدا عن قوله تعالى( واني لأظنك يافرعون مثبورا) وقوله( ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) وقوله( وقل لهم في انفسهم قولا بليغا) وقول النبي صلى الله عليه وسلم(( اللهم عليك بالملأ من قريش)) وقوله لأبي ذر(( انك امرؤ فيك جاهلية)) وقوله لعدي بن حاتم(( انك لعريض القفا)) وقوله(( اللهم العن رعلا، وذكوان، وبني لحيان، وعصية عصت الله ورسوله))
أفليس هذا مطلوبا كما أن ذلك مطلوب، وكلٌ في بابه
وتعجب أيضا ممن يذكرك فقط بقوله تعالى( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ويغفل عن معنى الحكمة ماهي؟ وأنها وضع الشيئ في موضعه، فالغلظة في موضها حكمة، والمجاملة في موضعها حكمة، والرفق واللين في موضعه حكمة، فالحدود مثلا التي شرعها الله مع كونها شديدة على الجاني الا انها من تمام الحكمة الربانية، واقرأ مثلا في ذلك حد السرقة فبعد ان شرعه الله تعالى ختمه بقوله( والله عزيز حكيم) فبين سبحانه تمام حكمته في تشريع هذا الحكم، وهكذا تتجلى الحكم الالهية الأخرى في بقية الحدود، فاذا انتقد شخص بعد ذلك هذه الحدود او انتقص منها فانما ينتقد العزيز الحكيم الذي لا أحسن من حكمه، ولا معقب عليه.
ولايزال المرء يتملكه العجب من هؤلاء الوعاظ الجدد ويساءلهم هل في قوله تعالى( واغلظ عليهم) وقوله( اشداء على الكفار رحماء بينهم) حكمة أم لا؟
ان الحكمة والموعظة الحسنة، والرفق واللين، والتيسير هي من أسس الدعوة الناجحة، بل ومن واجباتها، وضدها انما هو تنفير عن الاسلام، وتكريه للخلق فيه، لكن يجب علينا أن نعرف معنى هذه الأسس، ومتى يجب استعمالها، ومتى يجب استعمال ضدها او يستحب؟ فان من استعمل شيئا من ذلك في غير موضعه فقد جانب الصواب، والحكمة
ان استدعاء هذه الأسس وتنزيلها على من يحارب الاسلام ويتهجم على حدوده، وينكر بعضها، ويسخر من الله تعالى ودينه ورسله، من غير جهل منه، ولاجنون، ولا اكراه، هو وضع لهذه النصوص في غير موضعها، ودعاية الى الباطل، وتزيين له، وتعاون على الاثم والعدوان، من قبل هؤلاء الوعاظ، وذلك لأن الواجب في حق هؤلاء المعتدين هو تحذيرهم من افكهم وضلالاتهم، ودعوتهم الى التوبة، فان لم يستجيبوا أقيم عليهم الحد من قبل القضاء لا الرفق بهم والشفقة عليهم جراء ذلك، لكون هذا يخالف قوله تعالى( ولاتأخذكم بهما رأفة في دين الله)
وعلى منوال هؤلاء الوعاظ ظهر دعاة من طراز جديد أيضا لايولون السلف، وفهمهم، وعلومهم أي اهتمام، ولااعتبار، وليس للمسلّمات والثوابت عندهم أي قدسية، ولا للحرية أي سقف، والباب عندهم مفتوح لمن شاء أن يبقى على إيمانه من أبناء المسلمين او يكفر، فلا اكراه في الدين حسب فهمهم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والروافض اخوتنا، والكفار أصدقاؤنا، والسنة آحاد لايعمل بها، والمرأة تزوج نفسها، وتتولى اعلى المناصب في الدولة، وتسافر لوحدها، ولها القوامة على الرجل اذا أنفقت عليه، الى غير ماهنالك
ويبررون لأنفسهم الكذب، والاحتيال، والعمالة، والاختلاط، وقل ماشئت، بدعوى الاختلاف، والمصلحة، والانفتاح على الآخر
فهل هؤلاء فعلا دعاة الى الحق، ام انهم دعاة الى الباطل والنار؟
أقوالهم وأفعالهم خير جواب على ذلك

( احذر أن تكون واحدا من هؤلاء) 

- المتلون، الذي يأتي بوجه حسن عند هؤلاء، وبوجه قبيح عند غيرهم.
- الذي له لسانان، يمدحك بأحدهما في وجهك، ويذمك بالآخر في قفاك.
- الذي يظهر حبك والحرص على مصلحتك، فاذا وليت كان هو العدو، والخصم، والساعي وراء كل مايسوءك، وماتكره.
- الذي باطنه غير ظاهره، وسريرته، غير علانيته.
- النمام، الذي يسعى في الافساد بين الناس.
- الجاسوس على الناس الذي يظهر نفسه انه مع الناس، ومع مصالحهم، وهو في الواقع ضدهم، ويعمل جاهدا على الايقاع بهم، لا الذي يعمل على دفع الشر عنهم، وعن البلاد ومصالحها.
- السياسي الذي يصرح ويتحدث الى الشعب بخلاف الواقع.
- الحزبي الذي يدعي انه يعمل لمصلحة الشعب، وهو في الحقيقة يعمل لمصلحة حزبه ونفسه، ثم يصرح الى الإعلام بخلاف مايعتقد انه الحق.
- العميل الذي يعمل مع الأجنبي ضد وطنه، وقيمه،ومبادئه، ويظهر للناس انه مواطن شريف
- المؤطر في جماعة الذي يتحدث ظاهرا انه لافضل لأحد على أحد، ولالجماعة على اخرى الا بالتقوى والعمل، فاذا خلا بأفراد جماعته قال لهم: انتم افضل الناس، وخير الجماعات علما، وعملا، واعتقادا، وأزكاها وأبرها،وأحسنها دعوة، وسلوكا وفهما.
هؤلاء ونحوهم هم ذووا الوجهين، وهم من أشر الناس منزلة عند الله، كما في الصحيحين عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(( وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه))
ولايدخل في هذه المعاني من يتقي شر ذوي الأشرار،بكلام لين، او تصريح، او هش وبش، وابتسامة ونحوها، حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم استأذن عليه شخص فقال(( ائذنوا له فلبئس ابن العشيرة او بئس رجل العشيرة))، فلما دخل عليه ألان له القول، فاستفهمت عائشة عن ذلك فقال(( ياعائشة ان شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس، او تركه الناس اتقاء فحشه)) رواه مسلم

ليست هناك تعليقات: