( أردوغان هو " أصحمة تركيا" )
أصحمة النجاشي هو ملك الحبشة الصالح في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي هاجر الى أرضه المضطهدون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وآواهم، وأمنهم في أرضه، ومنع تسليمهم الى قومهم المشركين لما جاء وفدهم اليه برئاسة عمرو بن العاص قبل أن يسلم يطالبونه بتسليمهم اليهم.
كان اصحمة مؤمنا بالنصرانية الحقة غير المحرفة، فقد كان يؤمن بأن عيسى عليه الصلاة والسلام، هو كلمة الله القاها الى مريم، وروح منه، وأنه رسول الله، وليس ابنا لله تعالى، ولاثالث ثلاثة، ثم أسلم، وصدق بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبقي يحكم قومه النصارى، ولم يعرف انه كان يحكمهم بالاسلام، ويوم مات نعاه النبي صلى الله عليه وسلم الى أصحابه، ووصفه بالصالح، وصلى عليه.
وقد قام عليه أحد أقربائه بانقلاب، وحصلت بينهما مواجهة عسكرية تضرع فيها الصحابة كثيرا الى الله أن ينصر الله النجاشي عليه فنصره الله تعالى وعادت الأمور الى نصابها
ولاتبعد صورة أصحمة النجاشي هذا عن اردوغان اليوم كثيرا، بل انه أقرب الحكام شبها به فهو أعني اردوغان حاكم مسلم، ويحكم شعبا مسلما لكن العلمانية متغللة فيه بقوة من حيث: ان الدستور علماني، والجيش علماني، والقضاء علماني، بل وجميع مؤسسات الدولة علمانية، ولم يستطع أردوغان مع هذا الوضع العلماني المتجذر منذ أكثر من سبعين عاما أن يحكم بالاسلام، ولاأن يغير الدستور العلماني، ولكنه استطاع ان يخفف من العلمانية كثيرا، وأن يعيد روح الاسلام والاعتزاز به الى الشعب في حريته، ومساجده، وجمعياته، وكثير من أفراده، مماجعل الرئيس الروسي بوتين عقيب الأزمة بين بلده وتركيا على خلفية اسقاط تركيا لمقاتلة روسية أن يتهمه بأسلمة الدولة
واذا كان اردوغان يشبه أصحمة في حكمه الا أنه يفرق عنه بأنه يأوي على أرضه الملايين من المظلومين، واللاجئين، والمضطهدين، ويوفر لعشرات الآلاف منهم السكن المتوفر فيه كل الوسائل العصرية المريحة، من غذاء،وتعليم، وكهرباء، وحدائق، ولم يحصل مثل هذا من النجاشي، في حين أن من هاجر اليه من المسلمين لايزيدون عن ثلاثة وثمانين شخصا، فأين هذا العدد الضئيل من ذلكم العدد الهائل الذي تحتضنهم تركيا؟
ولم يعرف عن أصحمة ايضا انه كان يتحدث عن الاسلام علانية، بل اني ارجح انه كان يكتم ايمانه، كما كان مؤمن آل فرعون يكتم ايمانه، بخلاف أردوغان فانه يظهر اسلامه، ولايخفيه، بل ويعتز ويفخر بالانتساب اليه، ويقيم شعائره الظاهرة، ويعلن دائما ايمانه بالغيب والآخرة، ومن سمعه وهو يذكر ويعظ، يجزم بأنه يحمل بين جنبيه قلبا مؤمنا، ومعرفة بالله ودينه، هكذا نحسبه، والله حسيبه، ولانزكي على الله احدا
ومن التوافقات بين الرجلين انه حصل على اردوغان انقلاب فاشل كما حصل على أصحمة من قبل، وقد أفشله الله تعالى، ويعزى هذا الفشل الذي أثلج صدور المؤمنين، وأحزن قلوب المنافقين الى أسباب كثيرة منها:
١- ارادة الله تعالى الذي شاء سبحانه ان يفشل، وتنزل نصره الذي يهبه لمن يشاء( وماالنصر الا من عند الله)
٢- التحام الشعب بكل أطيافه، وفئاته، وتوجهاته مع الشرعية، ورفضهم للانقلاب، وخروجهم الى الميادين والشوارع بالملايين، ومواجهتهم للدبابات بكل شجاعة، وحيلولتهم دون تقدمها، او قصفها، مماتسبب في هلع الانقلابيين، وتراجعهم، واستسلامهم
٣- نجاة اردوغان من القتل، وظهوره أمام الشعب، ومطالبته لهم بالخروج الى الشوارع والميادين لصد الانقلاب والدفاع عن الشرعية، فاستجاب له في سرعة عجيبة، ولم تمض ساعات قليلة الا والجماهير كأمواج البحر تتدفق على بؤر الانقلابيين، وتحيط بهم من كل جانب
٤- تحركات قطاعات كبيرة من الجيش والشرطة للدفاع عن الشرعية ودحر الانقلاب
٥- سيطرة شرائح كبيرة من الشعب على مبنى التلفزيون الذي أعلن منه الانقلاب، وأسر من كان فيه من الانقلابيين، وإجبار المذيعة نفسها التي أعلنت الانقلاب أن تعلن عن دحره، وعودة الشرعية
٦- قوة الاستخبارات التركية التي بقيت على ولائها للرئيس، ودورها الكبير في افشال الانقلاب.
كل هذه العوامل وغيرها من أذان المساجد، وتكبيراتها،ودعوات المظلومين، واستغاثاتهم، وبكائهم، عجلت بالنصر على الانقلابيين ودحرهم
وهذا هو الفرق بين فشل هذا الانقلاب في تركيا، ونجاحه في مصر، فقد كان السيسي يدرك تماما ان بقاء الرئيس محمد مرسي طليقا لن ينجح انقلابه فسارع قبل اعلان الانقلاب الى اختطافه وسجنه في مكان مجهول، ولما تم له ذلك أعلن انقلابه
وأمر آخر ساعد في نجاح الانقلاب وهو ان الاخوان في مصر فضلوا عدم المواجهة عند اعلانه، واكتفوا بالاعتصامات، ولم يكن معهم أي من هذه العوامل التي ساعدت اردوغان على افشال الانقلاب، لذلك فشلوا ونجح الانقلاب، والله غالب على أمره
( ومضات)
- أقوى الناس من قوي على الطاعة، وأضعفهم من ضعف أمام الشهوة.
- لذة المعصية آنية، لكن حسرتها دائمة، ومشقة الطاعة آنية، لكن لذتها دائمة.
- كل من عصى الله تعالى فهو جاهل، ولو كان أعلم الخلق بالحلال والحرام.
- للطاعة نور، وللمعصية ظلمة تظهران على صاحبهما، فاحذر أن تفضحك معصيتك.
- جنة الدنيا هي الرضا، وكنزها هو القناعة، ورأس مالها هي التقوى.
- الولاية الحقة هي الترقي في مقامات العبودية لله تعالى.
- تستطيع أن تملك ألسنة الناس بإحسانك، لكنك لاتستطيع أن تملك قلوبهم إلا بخلقك.
نموذج من خطابات اردوغان حفظه الله ورعاه
( وقفات) -
الاولى: من يركز على الجوانب السلبية في تركيا، ولاينظر الى الجوانب الإيجابية الكثيرة فيها فمثله كمثل الأعور الذي لايرى الا من جهة عينه الصحيحة فقط. - الثانية: الذين تألموا لفشل الانقلاب في تركيا وتمنوا نجاحه هم شركاء فيه حكما ولو لم يشاركوا فيه فعلا. - الثالثة: الأمة الاسلامية اليوم تعيش في مرحلة الاستضعاف، ولايجب عليها أن تقوم بما يجب أن تقوم به في مرحلة الاستخلاف، وإنما يجب عليها ماهو في قدرتها واستطاعتها، لقوله تعالى( لايكلف الله نفسا الا وسعها) وهو خطاب للمكلف حاكما كان أو محكوما، رجلا، او امرأة. - الرابعة: من فقه السياسة الشرعية: وجوب إزالة المنكر بالكلية، فان لم يمكن فازالة أكثره، فان لم يمكن فازالة بعضه، فان لم يمكن فالتخفيف من آثاره وتبعاته. - الخامسة: لايعني دفاعنا عن اردوغان هو اقرارنا لأخطائه والدفاع عنها، أو تبريرها وقبولها، وانما ندافع عنه لكونه حاكما مسلما مظلوما معتدى عليه بغير حق، ولأنه كان ولايزال يحتضن المظلومين ويؤويهم، ويدافع عن حقوقهم. - السادسة: من يستنكر مايحصل في الغرب من قتل، ولايستنكر مايحصل منهم من قتل في بلاد المسلمين فهو من أكبر العملاء والموالين لهم. - السابعة: من يشك في أن قصد الغرب بالإرهاب هو الاسلام، وبالإرهابيين هم المسلمين السنة فهو جاهل مغفل.
ليست هناك تعليقات: