محبوبات النبي صلى الله عليه وسلم( ١- ٤) بقلم الدكتور عبدالرحمن الخميسي
هذا البحث من لطائف العلم عند العلماء
فهل تعلم ايها المحب، ماهي محبوبات النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يحبها حبا عظيما؟ واذكرك انهاليست جميعها في مرتبة واحدة عنده، بل بعضها احب اليه من البعض الآخر، لكنها جميعا في قائمة محبوباته، وهاأناذا ابين لك هذه المحبوبات بشيئ من الاختصار، لا من أجل ان تعلم ذلك، وتعلم عظم نفسه صلى الله عليه وسلم وعلو همته فقط، ولكن ايضا من اجل ان تحب ماأحبه نبيك صلى الله عليه وسلم، فذلك من كمال محبته، وهويدخلدخولاأوليا في معنى قوله صلى الله عليه وسلم(( لايؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من والده، وولده، والناس اجمعين)) خاصة اذا علمت ان هذه المحبوبات هي دينية، وليست نفسية ولاطبيعية الا بعضها، ومن اجل ان تعمل كذلك بما علمت من هذه المحبوبات
اعلم ايها المحب أن اعظم محبوباته صلى الله عليه وسلم على الاطلاق
١= ربه جل وعلا، ولا أظن احدا يماري في ذلك، فاصطفاء الله تعالى له، واتخاذه خليلا، دلالة واضحة على عظم هذه المحبة في قلبه صلى الله عليه وسلم، ثم دليل آخر لايمتري فيه اثنان، ولايشك فيه انسان، وهو اختياره صلى الله عليه وسلم للقاء ربه، عندما خير بين البقاء في الدنيا ماشاء الله مع اعطائه الآخرة، وبين لقاء ربه دون تأخير؟ فاختار لقاء ربه، وقد سمعته عائشة رضي الله عنها، وهو يعالج سكرات الموت وهو يقول: ((اللهم في الرفيق الأعلى، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين)) قالت فعلمت انه خير، وانه لن يختارنا
٢= دينه الذي بعثه الله تعالى به، وفارق العشيرة والوطن، والقريب والبعيد، من اجله، ووالى وعادى، وحارب وسالم من اجله، ويجسد هذه المحبة أن قريشا عرضت عليه كل المغريات الدنيوية، من ملْك، ومال، ونساء، وعلاج، على ان يتخلى عن دينه ودعوته، او يتنازل لهم عن شيئ من مبادئه وثوابته، فأبى عليهم، حتى قال لهم قولته المشهورة، كما روى ذلك ابن اسحاق باسناد فيه مقال(( ياعماه، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، على ان أترك هذا الأمر حتى يظهره الله او أهلك فيه ماتركته))
ورواه ابو يعلى بلفظ مقارب ورجاله رجال الصحيح، قال:(( والله ماأنا بأقدر أن أدع مابعثت به من أن يشعل أحد من هذه الشمس شعلة من نار))
وأكد صلى الله عليه وسلم على محبته لهذا الدين وتمسكه به الى الموت، مهما كانت الظروف والأحوال، والعقبات والأهوال، فقال في يوم الحديبية، يوم ان سمع ان قريشا استعدت لحربه، ومنعه من دخول مكة(( فما تظن قريش، فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله، او تنفرد هذه السالفة- يعني الى الموت))
٣= الصلاة، ومحبته صلى الله عليه وسلم لها يتعدى الوصف، فقد ملكت عليه قلبه ووجدانه، ومشاعره وكيانه، وحسبك منها أنها قرة عينه، وراحة باله، وطمأنينة نفسه، ففي الحديث الصحيح(( وجعلت قرة عيني في الصلاة)) وفي آخر(( أرحنا بها يابلال)) وكان اذا حزبه أمر قام الى الصلاة، لأنه يجد فيها الفرج، والراحة
ومن عظم محبته صلى الله عليه وسلم لها انه كان لايشعر بطولها، فكان يقوم من الليل نصفه،او ثلثيه الاقليلا، أو ثلثه حتى تتفطر قدماه، ويقرأ أحيانا في الركعةرالأولى بأكثر من خمسة أجزاء، وفي الأغلب بستين آية، وهي في المتوسط مايقارب ثلاثة ارباع الحزب، او تزيد قليلا، قد تصل الى حزب، او تقل شيئا يسيرا
فيالله، أين المحبون؟.
( محبوبات النبي صلى الله عليه وسلم)( ٢-٤)
ومن محبوباته صلى الله عليه وسلم التي لامراء فيها:
٤= اصحابه الكرام رضوان الله عليهم في الجملة، وممايؤكد هذه المحبة: اشادته عليه الصلاة والسلام بهم، وثناؤه العظيم عليهم، ونهيه عن سبهم وشتمهم وأذاهم، واعتبارمن يقوم بذلك مستحقا للعنة الله له وملائكته والناس اجمعين، وحثه على حبهم، ونهيه عن بغضهم وكراهيتهم وعده ذلك من النفاق، كما قال(( لاتسبوا احدا من أصحابي، فلو أنفق احدكم مثل أحد ذهبا، مابلغ مد أحدهم ولانصيفه)) وقال(( من سب اصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين)) وقال في الانصار، ومن باب اولى: المهاجرون(( لايحبهم الامؤمن، ولايبغضهم الا منافق)) وقال لامرأة من الانصار(( والله انكم لمن احب الناس الي))
٥= ابوبكر الصديق رضي الله عنه، ومحبته صلى الله عليه وسلم له غير خافية على أحد، وقد عبر عن ذلك بقوله( لو اتخذت احدا خليلا غير ربي، لاتخذت ابابكر خليلا، ولكن اخوة الاسلام ومودته)
وتظهر هذه المحبة اكثر في جوابه صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص، لما سأله أي الناس احب اليك يارسول الله؟ قال: عائشة، قال: ومن الرجال؟ قال: ابوها
٦= عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولاشك في محبته صلى الله عليه وسلم له، وفي حديث عمرو بن العاص السابق، لما سأله أي الناس احب اليك يارسول الله؟ قال: ابوبكر، قال: ثم من؟ قال: ثم عمر
ومن دلائل محبته صلى الله عليه وسلم له: كثرة ثنائه عليه، وعدم مفارقته لها في حضر او سفر الا لمالابد منه، وتزوجه بابنته حفصة، وموته وهو راض عنه
٧= عثمان بن عفان رضي الله عنه
ومن دلائل محبته صلى الله عليه وسلم له: قول ابن عمر(( كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فنخير ابابكر،ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره))
ومنها: تزويجه عليه الصلاة والسلام له بابنتيه واحدة بعد الأخرى، ولم يعرف عن صاحب نبي هذه المنقبة
ومنها: حياؤه صلى الله عليه وسلم منه، وتبشيره له بالجنة، وبالشهادة، وموته وهو راض عنه
٨= علي بن ابي طالب رضي الله عنه، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحب آل ابي طالب اليه، وقد صرح عليه الصلاة والسلام بحبه له في يوم خيبر حيث قال(( لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فأعطاها له)) ومن الادلة كذلك: تزويجه صلى الله عليه وسلم له بأحب بناته اليه فاطمة رضي الله عنها سيدة هذه الأمة وسيدة اهل الجنة، واستخلافه له على اهله في غزوة تبوك، وقوله له:(( افلاترضى ياعلي ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى، الا انه لانبي بعدي)) وقوله له(( انت مني، وانا منك))(( ومن كنت مولاه فعلي مولاه)) وعهد النبي صلى الله عليه وسلم اليه انه لايحبه الا مومن، ولايبغضه الا منافق))، وتبشيره له بالجنة، وبالشهادة، وموته وهو راض عنه
٩= بقية العشرة المبشرين بالجنة، وهم: ابو عبيدة بن الجراح، وسعد بن ابي وقاص، وطلحة بن عبيدالله،والزبير بن العوام،وعبدالرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد رضي الله عنهم
ومن الادلة على محبته صلى الله عليه وسلم لهم: تبشيرهم بالجنة، وثناؤه عليهم، وموته وهو راض عنهم
١٠= مولاه زيد بن حارثة، وابنه اسامة بن زيد رضي الله عنهما
وكان يقال لهما: حب رسول الله، وابن حبه
ولما ولى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا قيادة جيش مؤتة، طعن البعض في امارته، وكذلك لما ولى ابنه اسامة قيادة جيش في آخر حياته طعنوا في امارته، فقال صلى الله عليه وسلم:(( ان تطعنوا في امارته، فقد كنتم تطعنون في امارة ابيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقا للامارة، وان كان لمن احب الناس الي، وإن هذا يعني اسامة لمن احب الناس الي بعده))
وكان صلى الله عليه وسلم يجلس الحسن بن علي على فخذ، وأسامة على الفخذ الاخرى ويقول:(( اللهم اني احبهما فأحبهما))
١١= الحسن، والحسين ابنا علي رضي الله عنهما، وسبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابنا بنته فاطمة، رضي الله عنهم جميعا.
ولاينكر شدة محبته صلى الله عليه وسلم لهما، بل قد اشتهر ذلك اشتهارا يبلغ حد التواتر، فقد كان عليه الصلاة والسلام يحملهما، ويلاعبهما، وقال عنهما: ((سيدا شباب اهل الجنة،)) وقال عن الحسن: (( ان ابني هذا سيد)) وقال عنه وعن اسامة بن زيد:(( اللهم اني احبهما فأحبهما)) وعن الحسن خاصة:(( اللهم اني احبه فأحبه، وأحب من يحبه))
وقال عن الحسين:(( حسين مني وانا من حسين))(( وانه سبط من الاسباط)) وصعد مرة على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فأطال السجود، حتى تداخلت الشكوك الى نفوس البعض، فرفع احدهم رأسه ليعرف ماالذي حصل؟ فرأى الحسين راكبا فوق ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع الى سجوده، فقال صلى الله عليه وسلم معتذرا لأصحابه عن اطالة السجود:(( ان ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله)) او كما قال
١٢= فاطمة ابنته، وكذا سائر أبنائه وبناته صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم اجمعين
وفاطمة هي اصغر بناته عليه الصلاة والسلام، وأحب ولده اليه، وقال عنها:(( هي بضعة مني يريبني مارابها، ويؤذيني ماآذاها، وانها سيدة هذه الأمة، وسيدة اهل الجنة))
وكان صلى الله عليه وسلم يحب جميع ولده، وقد بكى يوم ماتت ابنته زينب، ويوم مات ابنه ابراهيم، وقال:(( وانا لفراقك ياابراهيم لمحزونون))
١٣= زوجه خديجة رضي الله عنها
وحبه صلى الله عليه وسلم لها معلوم مشهور، ويدل عليه انه لم يتزوج عليها حتى ماتت، وانه لم يزل يذكرها بعد موتها كثيرا، حتى غارت عائشة منها، وكان اذا ذبح الشاة يهدي منها الى خلائلها، وقال لعائشة لما اعترضت عليه في كثرة ذكره، وثنائه عليها:(( اني قد رزقت حبها))
فهذا وربك هو حسن العهد الذي يعتبر من دلائل الايمان، والذي ينقص كثيرا من الرجال
١٤= عائشة رضي الله عنها
وهي احب نسائه الموجودات اليه، وكان يصرح بحبه لها ولايكتمه، وجاء ذلك في جوابه لعمرو بن العاص لما سأله أي الناس احب اليك يارسول الله؟ قال:(( عائشة))
وقال لفاطمة ابنته:(( أي بنية ألست تحبين ماأحب؟ قالت: بلى، قال: فأحبي هذه)) يعني عائشة
وكان يأكل ويشرب من موضع فمها، وسابقها على رجليه مرتين، ولم يسابق امرأة غيرها،وقال لأزواجه لما أكثرن عليه في شأنها:(( لاتؤذوني في عائشة، فوالله مانزل علي الوحي في لحاف احداكن غيرها)) او كما قال.
١٥= أمّته صلى الله عليه وسلم
والمقصود بها: أمة الاستجابة، التي استجابت لله ولرسوله، فآمنت وصدقت، مع مافيها من دَخَن، وغُثائية
وكان صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بها، بل وأرحم الأنبياء بأممهم، وممايدل على ذلك انه كان لكل نبي دعوة مستجابة دعا بها على أمته، الا النبي صلى الله عليه وسلم فقد ادخر دعوته عليهم دعوةً لهم يوم القيامة ينقذهم بها، ويشفع لهم، ويدخلهم بها الجنة، ولما عرض عليه ملك الجبال ان يدعو عليهم أبى عليه، وقال له: بل ارجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لايشرك به شيئا، وهذا كله من أظهر الدلائل على محبته لأمته
ومن الدلائل كذلك: تركه العمل مع محبته له خشية ان يفرض عليهم، كتركه لصلاة التراويح جماعة في المسجد في رمضان، وعدم خروجه مع السرايا، وقوله(( لولا أن أشق على امتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)) وغير ذلك، ويجمع هذا كله قوله تعالى( لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم) وهذا عين المحبة وخالصها
١٦= النساء، والمقصود بذلك: جماعهن، كما في الحديث الصحيح(( حبب الي من الدنيا: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة))
وقد أعطي عليه الصلاة والسلام قوة اربعين رجلا في الجماع، وكان احيانا يطوف على نسائه التسع في ليلة واحدة بغسل واحد، وأحيانا يغتسل عند هذه، وعند هذه، وأحيانا يجامع فيكسل، ثم يغتسل بعدها، وفعل ذلك مع عائشة،
وأحيانااذا رأى من النساء بغير قصد مايعجبه دخل على زوجته صاحبة النوبة فقضى حاجته منها، وحث الرجال على ذلك قائلا لهم(( فان الذي معها معها))
غير ان حبه صلى الله عليه وسلم للمرأة لم يقتصر على هذه الناحية خاصة، بل كان حبه لها عاما فهو يحبها لخلقتها وأنوثتها، وماأو دع الله فيها من الرقة، والعاطفة والجمال، ومن ثم نراه صلى الله عليه وسلم في هذه الجانب يوصي بعدم إثارة هذه الكوامن فيها حفاظا عليها حيث يقول لحاديه أنجشة:(( رويدك سوقك بالقوارير))
ويحبها كذلك: لوظيفتها الكبرى التي خلقها الله من أجلها أمَةً لله تعالى، وأُمّا، وزوجة، وأختا، وقريبة، وماأكثر وصاياه صلى الله عليه وسلم بها من هذه الناحية، حتى انه أوصى بها في أكبر مجمع في التاريخ في الحج، وفي ثلاثة مواطن منه: في يوم عرفة، وفي يوم الحج الأكبر- يوم النحر- وفي أوسط ايام التشريق، وأوصى بها عند موته
١٧= الطيب بجميع انواعه، كما في الحديث السابق حبب الي من الدنيا، سواء كان سائلا او جافا كالمسك الذي قال عنه:(( انه اطيب الطيب)) وكان يدهن به، او البخور كالألوة التي كان يستجمر بها كثيرا
١٨= اللحم، وكان يحبه كثيرا، وأحبه اليه الذراع، وكان ينهسه نهسا، اي يأكله بأطراف أسنانه ويقضمه بها
١٩= القرع، وهو الدباء، واليقطين،قال انس: دعا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فانطلقت معه،فجيئ بمرقة فيها دباء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من ذلك الدباء ويعجبه، قال فلمارأيت ذلك جعلت القيه اليه، ولا أطعمه، قال أنس: فمازلت بعد يعجبني الدباء
٢٠= العسل والحلواء، وحبه صلى الله عليه وسلم للعسل مشهور جدا، وبسببه عاتبه الله تعالى بقوله( ياأيها النبي لم تحرم ماأحل الله لك)، وكذلك كان يحب الحلواء كما في الصحيحين
٢١= التمر، وكان صلى الله عليه وسلم يعتبره شيئا أساسا في البيت، وقال لعائشة في ذلك:(( بيت لاتمر فيه جياع اهله))، وكان يأكله خالصا، وأحيانا مع الزبد، وأحيانا يأكل البطيخ بالرطب، وأحيانا لايجد طعاما غيره وغير الماء شهرين متواليين، وأحيانا يشرب نقيعه اي نبيذه الى ثلاثة ايام، ولايزيد عليها
٢٢= اللبن، وهو مانسميه نحن اليوم: الحليب، وكان صلى الله عليه وسلم يشربه خالصا، وأحيانا مشوبابالماء
٢٣= الماء البارد، وكان صلى الله عليه وسلم، يستعذب له الماء، ويدخل كثيرا الى حديقة أبي طلحة الأنصاري وكانت في قبلة المسجد،فيشرب من ماء طيب فيها، وقال مرة: هل عندكم ماء بات في شنّة- قربة- والا كرعنا
٢٤= مكة بلد الله الأمين، وقد قال صلى الله عليه وسلم عنها يوم هجرته(( والله انك لأحب البقاع الى الله، ولولا ان قومك اخرجوني منك ماخرجت))وقال(( اللهم حبب الينا المدينة كما حببت مكة أو أشد))
٢٥= المدينة، وهي طابة، وطيبة، وكان صلى الله عليه وسلم يقول:(( اللهم بارك لنا في مدينتنا)) ويقول كما في الحديث السابق(( اللهم حبب الينا المدينة....)) ومن حبه صلى الله وسلم لها: تحريمه لها، كماحرم ابراهيم مكة، واظهاره لفضائلها، ولعنه لمن احدث بها، وشفاعته لمن مات بها مسلما، ونهيه عن الرغبة في السكن فيها، ثم موته صلى الله عليه وسلم بها
٢٦= جبل أحد، وفيه قال عليه الصلاة والسلام(( احد جبل نحبه ويحبنا))
٢٧= الحِبَرَة من الثياب، قال انس: كان احب الثياب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبرة.
وهو ثوب ذو ألوان مخطط، والثوب في اللغة هو مايؤتزربه
٢٨= اللباس الأبيض، ثوبا كان او قميصا،او عمامة، او سراويل، ونحو ذلك، وفي الحديث(( البسوا البياض فانها اطهر واطيب، وكفنوا فيها موتاكم)) ويقصد بهذا الخطاب الرجال خاصة
٢٩= القميص، قالت أم سلمة رضي الله عنها: كان احب الثياب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص.
والقميص هو الذي له مدخل للرأس وكُمّان، والله اعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
محبوبات النبي صلى الله عليه وسلم)(٣-٤)
ومن محبوباته صلى الله عليه وسلم:١٠= مولاه زيد بن حارثة، وابنه اسامة بن زيد رضي الله عنهما
وكان يقال لهما: حب رسول الله، وابن حبه
ولما ولى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا قيادة جيش مؤتة، طعن البعض في امارته، وكذلك لما ولى ابنه اسامة قيادة جيش في آخر حياته طعنوا في امارته، فقال صلى الله عليه وسلم:(( ان تطعنوا في امارته، فقد كنتم تطعنون في امارة ابيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقا للامارة، وان كان لمن احب الناس الي، وإن هذا يعني اسامة لمن احب الناس الي بعده))
وكان صلى الله عليه وسلم يجلس الحسن بن علي على فخذ، وأسامة على الفخذ الاخرى ويقول:(( اللهم اني احبهما فأحبهما))
١١= الحسن، والحسين ابنا علي رضي الله عنهما، وسبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابنا بنته فاطمة، رضي الله عنهم جميعا.
ولاينكر شدة محبته صلى الله عليه وسلم لهما، بل قد اشتهر ذلك اشتهارا يبلغ حد التواتر، فقد كان عليه الصلاة والسلام يحملهما، ويلاعبهما، وقال عنهما: ((سيدا شباب اهل الجنة،)) وقال عن الحسن: (( ان ابني هذا سيد)) وقال عنه وعن اسامة بن زيد:(( اللهم اني احبهما فأحبهما)) وعن الحسن خاصة:(( اللهم اني احبه فأحبه، وأحب من يحبه))
وقال عن الحسين:(( حسين مني وانا من حسين))(( وانه سبط من الاسباط)) وصعد مرة على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فأطال السجود، حتى تداخلت الشكوك الى نفوس البعض، فرفع احدهم رأسه ليعرف ماالذي حصل؟ فرأى الحسين راكبا فوق ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع الى سجوده، فقال صلى الله عليه وسلم معتذرا لأصحابه عن اطالة السجود:(( ان ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله)) او كما قال
١٢= فاطمة ابنته، وكذا سائر أبنائه وبناته صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم اجمعين
وفاطمة هي اصغر بناته عليه الصلاة والسلام، وأحب ولده اليه، وقال عنها:(( هي بضعة مني يريبني مارابها، ويؤذيني ماآذاها، وانها سيدة هذه الأمة، وسيدة اهل الجنة))
وكان صلى الله عليه وسلم يحب جميع ولده، وقد بكى يوم ماتت ابنته زينب، ويوم مات ابنه ابراهيم، وقال:(( وانا لفراقك ياابراهيم لمحزونون))
١٣= زوجه خديجة رضي الله عنها
وحبه صلى الله عليه وسلم لها معلوم مشهور، ويدل عليه انه لم يتزوج عليها حتى ماتت، وانه لم يزل يذكرها بعد موتها كثيرا، حتى غارت عائشة منها، وكان اذا ذبح الشاة يهدي منها الى خلائلها، وقال لعائشة لما اعترضت عليه في كثرة ذكره، وثنائه عليها:(( اني قد رزقت حبها))
فهذا وربك هو حسن العهد الذي يعتبر من دلائل الايمان، والذي ينقص كثيرا من الرجال
١٤= عائشة رضي الله عنها
وهي احب نسائه الموجودات اليه، وكان يصرح بحبه لها ولايكتمه، وجاء ذلك في جوابه لعمرو بن العاص لما سأله أي الناس احب اليك يارسول الله؟ قال:(( عائشة))
وقال لفاطمة ابنته:(( أي بنية ألست تحبين ماأحب؟ قالت: بلى، قال: فأحبي هذه)) يعني عائشة
وكان يأكل ويشرب من موضع فمها، وسابقها على رجليه مرتين، ولم يسابق امرأة غيرها،وقال لأزواجه لما أكثرن عليه في شأنها:(( لاتؤذوني في عائشة، فوالله مانزل علي الوحي في لحاف احداكن غيرها)) او كما قال.
( محبوبات النبي صلى الله عليه وسلم)(٤-٤)
ومنهاكذلك:١٥= أمّته صلى الله عليه وسلم
والمقصود بها: أمة الاستجابة، التي استجابت لله ولرسوله، فآمنت وصدقت، مع مافيها من دَخَن، وغُثائية
وكان صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بها، بل وأرحم الأنبياء بأممهم، وممايدل على ذلك انه كان لكل نبي دعوة مستجابة دعا بها على أمته، الا النبي صلى الله عليه وسلم فقد ادخر دعوته عليهم دعوةً لهم يوم القيامة ينقذهم بها، ويشفع لهم، ويدخلهم بها الجنة، ولما عرض عليه ملك الجبال ان يدعو عليهم أبى عليه، وقال له: بل ارجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لايشرك به شيئا، وهذا كله من أظهر الدلائل على محبته لأمته
ومن الدلائل كذلك: تركه العمل مع محبته له خشية ان يفرض عليهم، كتركه لصلاة التراويح جماعة في المسجد في رمضان، وعدم خروجه مع السرايا، وقوله(( لولا أن أشق على امتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)) وغير ذلك، ويجمع هذا كله قوله تعالى( لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم) وهذا عين المحبة وخالصها
١٦= النساء، والمقصود بذلك: جماعهن، كما في الحديث الصحيح(( حبب الي من الدنيا: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة))
وقد أعطي عليه الصلاة والسلام قوة اربعين رجلا في الجماع، وكان احيانا يطوف على نسائه التسع في ليلة واحدة بغسل واحد، وأحيانا يغتسل عند هذه، وعند هذه، وأحيانا يجامع فيكسل، ثم يغتسل بعدها، وفعل ذلك مع عائشة،
وأحيانااذا رأى من النساء بغير قصد مايعجبه دخل على زوجته صاحبة النوبة فقضى حاجته منها، وحث الرجال على ذلك قائلا لهم(( فان الذي معها معها))
غير ان حبه صلى الله عليه وسلم للمرأة لم يقتصر على هذه الناحية خاصة، بل كان حبه لها عاما فهو يحبها لخلقتها وأنوثتها، وماأو دع الله فيها من الرقة، والعاطفة والجمال، ومن ثم نراه صلى الله عليه وسلم في هذه الجانب يوصي بعدم إثارة هذه الكوامن فيها حفاظا عليها حيث يقول لحاديه أنجشة:(( رويدك سوقك بالقوارير))
ويحبها كذلك: لوظيفتها الكبرى التي خلقها الله من أجلها أمَةً لله تعالى، وأُمّا، وزوجة، وأختا، وقريبة، وماأكثر وصاياه صلى الله عليه وسلم بها من هذه الناحية، حتى انه أوصى بها في أكبر مجمع في التاريخ في الحج، وفي ثلاثة مواطن منه: في يوم عرفة، وفي يوم الحج الأكبر- يوم النحر- وفي أوسط ايام التشريق، وأوصى بها عند موته
١٧= الطيب بجميع انواعه، كما في الحديث السابق حبب الي من الدنيا، سواء كان سائلا او جافا كالمسك الذي قال عنه:(( انه اطيب الطيب)) وكان يدهن به، او البخور كالألوة التي كان يستجمر بها كثيرا
١٨= اللحم، وكان يحبه كثيرا، وأحبه اليه الذراع، وكان ينهسه نهسا، اي يأكله بأطراف أسنانه ويقضمه بها
١٩= القرع، وهو الدباء، واليقطين،قال انس: دعا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فانطلقت معه،فجيئ بمرقة فيها دباء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من ذلك الدباء ويعجبه، قال فلمارأيت ذلك جعلت القيه اليه، ولا أطعمه، قال أنس: فمازلت بعد يعجبني الدباء
٢٠= العسل والحلواء، وحبه صلى الله عليه وسلم للعسل مشهور جدا، وبسببه عاتبه الله تعالى بقوله( ياأيها النبي لم تحرم ماأحل الله لك)، وكذلك كان يحب الحلواء كما في الصحيحين
٢١= التمر، وكان صلى الله عليه وسلم يعتبره شيئا أساسا في البيت، وقال لعائشة في ذلك:(( بيت لاتمر فيه جياع اهله))، وكان يأكله خالصا، وأحيانا مع الزبد، وأحيانا يأكل البطيخ بالرطب، وأحيانا لايجد طعاما غيره وغير الماء شهرين متواليين، وأحيانا يشرب نقيعه اي نبيذه الى ثلاثة ايام، ولايزيد عليها
٢٢= اللبن، وهو مانسميه نحن اليوم: الحليب، وكان صلى الله عليه وسلم يشربه خالصا، وأحيانا مشوبابالماء
٢٣= الماء البارد، وكان صلى الله عليه وسلم، يستعذب له الماء، ويدخل كثيرا الى حديقة أبي طلحة الأنصاري وكانت في قبلة المسجد،فيشرب من ماء طيب فيها، وقال مرة: هل عندكم ماء بات في شنّة- قربة- والا كرعنا
٢٤= مكة بلد الله الأمين، وقد قال صلى الله عليه وسلم عنها يوم هجرته(( والله انك لأحب البقاع الى الله، ولولا ان قومك اخرجوني منك ماخرجت))وقال(( اللهم حبب الينا المدينة كما حببت مكة أو أشد))
٢٥= المدينة، وهي طابة، وطيبة، وكان صلى الله عليه وسلم يقول:(( اللهم بارك لنا في مدينتنا)) ويقول كما في الحديث السابق(( اللهم حبب الينا المدينة....)) ومن حبه صلى الله وسلم لها: تحريمه لها، كماحرم ابراهيم مكة، واظهاره لفضائلها، ولعنه لمن احدث بها، وشفاعته لمن مات بها مسلما، ونهيه عن الرغبة في السكن فيها، ثم موته صلى الله عليه وسلم بها
٢٦= جبل أحد، وفيه قال عليه الصلاة والسلام(( احد جبل نحبه ويحبنا))
٢٧= الحِبَرَة من الثياب، قال انس: كان احب الثياب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبرة.
وهو ثوب ذو ألوان مخطط، والثوب في اللغة هو مايؤتزربه
٢٨= اللباس الأبيض، ثوبا كان او قميصا،او عمامة، او سراويل، ونحو ذلك، وفي الحديث(( البسوا البياض فانها اطهر واطيب، وكفنوا فيها موتاكم)) ويقصد بهذا الخطاب الرجال خاصة
٢٩= القميص، قالت أم سلمة رضي الله عنها: كان احب الثياب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص.
والقميص هو الذي له مدخل للرأس وكُمّان، والله اعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
ليست هناك تعليقات: