لستم من يحدد الأولويات بقلم : النائب محمد الحزمي

لستم من يحدد الأولويات بقلم : النائب محمد الحزمي


لا شك أن من علم الإدارة : إدارة الوقت ،وإدارة الوقت هدفها تنظيم إنجاز المناشط حسب أهميتها ،. فهناك مناشط يجب الإسراع بتنفيذها، وأخرى ينبغي تأخيرها، أو تكليف شخص أو جماعة بتنفيذها.
وكما قال بيتر دراكر :"إن عمل الأشياء الصحيحة أفضل من عمل الأشياء بطريقة صحيحة".
بمعنى أنه لا بد أن تقرر هل أنت بحاجة لهذا العمل قبل أن تخطط بطريقة صحيحة لتنفيذه.
ولهذا جعل الإسلام ما يسمى بفقه الاولويات لا يقدِّم المهم على الأهم، أو يحرص على المفضول ويترك الفاضل، فقدم الضروريات على الحاجيات ، والحاجيات على التحسينيات ، ولا يجوز بأي حال الاهتمام بالحاجيات والتحسينيات مع إغفال الضروريات .
كما رتب الضروريات فيما بينها ، فجعل في مقدمتها الدين ثم النفس ثم العقل ثم العرض ثم المال ، ولذا شرع الله تعالى التضحية بالنفوس في الجهاد حفاظا على الضرورية الأولى وهي الدين .
كما حكم الفقهاء على من ينفق على زخرفة باب داره وأهله جياع بالسفه الموجب للحجر عليه ومنعه من التصرف في ماله.
وكل ذلك بسبب عدم إعطاء الأمور الاهتمام بحسب أولوياتها الشرعية .
لكن من الذي يحدد الأولويات ؟؟
فالشريعة هي التي تحدد الأولويات لكل المسلمين في جميع مجالات تخصصاتهم الاقتصادية والسياسية والإعلاميةوالتعليمية ، بما يحافظ على الدين والنفوس والعقول والأعراض والأموال .
كل شريحة تحدد لنفسها الاولويات في ضوء ذلك.
لأنها تعرف الأهم والمهم ،والعاجل والاجل ،في مجالها حسب تخصصها.
فالاقتصاديون يحددون أولوياتهم .
والاعلاميون يحددون اولوياتهم .
وكل ذلك في ضوء أولويات الشريعة وترتيباتها المقاصدية ، التي يعرفها علماء الشريعة، من الترجيح بين المصالح والمفاسد إذا تعارضت .
لا أن تأتي شريحة من الناس لا تحسن حتى أحكام الطهارة،ويقولون للعلماء الاولويات كذا وكذا ، هذا لا يصح عقلا ، ولا علما.
لنضرب مثلا :
هل دَفْعُ الصائل وقتال الظالم أولوية اذا هاجم الديار وفجر وشرد؟
نقول: نعم .
وهل يصح أن نتوقف عن إنكار المعاصي والذنوب أو أي منكر التي هي سبب الهزائم والنكبات حتى يتم التخلص من المنكر الاول ولو بعد سنوات ؟
بالتأكيد العاقل سيقول : لا.
لان هذه المنكرات ستؤجل النصر وستطيل من عمرالظالم ومن أمد المعركة.
لهذا كان عمر بن الخطاب يحذر الجيش من الذنوب اثناء المعارك، لانها أفتك بهم من العدو .
اذن من حق العلماء وحدهم بالاستعانة بالخبراء في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها أن يحددوا ما يجب وما لا يجب ،ما المهم والأهم ،ما الفاضل والمفضول ،ما هو واجب الوقت ،ما يجب تقديمه وما يجب تاخيره.
اليوم نلاحظ جرأة وتهجم على من ينكر المنكرات بأنه لا يفقه الاولويات و...و...الخ .
فقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالإنكار على الشركيات في مكة من أول دعوته ، واستمر الانكار ونزول التشريع في خضم المعارك ولم يتوقف ، فمن أين لكم هذه الترهات ؟
فلستم انتم من يحدد أولويات الشريعة، و لستم مؤهلين بالقيام بوظيفة العلماء وأنتم تجهلون أبسط أحكام الشريعة ومقاصدها ، كما لا يحق للميكانيكي أن يحدد أولويات الطبيب وهو يجري العملية الجراحية
ولا يحق للنجار أن يحدد الأولويات لعلماء الاقتصاد الذين يضعون الخطط الاقتصادية والموازنات للدولة .
وهكذا احترموا التخصص.!!

ليست هناك تعليقات: