نعمة الجمال.... بقلم الدكتور عبدالرحمن الخميسي
جاء في الحديث الصحيح(( ان الله جميل يحب الجمال))
وهل رأيتم في الوجود، وفي هذا الكون الواسع شيئا غير جميل؟
وحتى أقبح المخلوقات صورا هي جميلة، اليس الله هو الذي خلقها فأبدعها؟ وأليس الله هو الذي خلق هذا الوجود فأتقنه وأحكمه وزينه فجمّله وأبهره؟( صنع الله الذي أتقن كل شيئ)( بديع السموات والأرض)( فتبارك الله أحسن الخالقين)
تأمل في الوجود وأجِلٔ النظر فيه ترى إبداع الحكيم المصور، وجمال الابداع بكل أشكاله وصوره( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه)
صورة جمالية تدهشك وتسحرك، وتأخذ بمجامع قلبك، أخرج في ظلمة الليل الهادئ، وصحوه المطبق، وقلب النظر في السماء ونجومها، وكواكبها، ومجراتها، ثم عد وقلب النظر مرة، أو مرتين أو ثلاثا، ماذا ترى؟ ترى الجمال في أبهى صوره وحلله، ولا تملك معها إلا أن تقول: سبحان الله الخالق البديع، وتردد( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح)
وتأمل في هذا الكوكب الذي نعيش على ظهره، كيف زينه الله بالجبال، والبحار، والأنهار، والطيور، والحشرات، والحيوانات، والأشجار، والأودية، والقفار
وحدث نفسك كيف سيكون منظره لو خلا من هذه الجماليات البديعة؟ وهل ستجد متعة في النظر اليه، أو السياحة في أرجائه، أو حتى الخروج في نزهة عائلية الى جزء منه؟
قف على شاطئ البحر، وانظر الى سعته وعمقه، وإلى مده وجزره، وإلى هدوئه وزمجرته، وإلى أمواجه وتلاطمها، والى سير الأفلاك فيه بكل أحجامها، ألا تتحرك نفسك لهذا المنظر العجيب؟ ويأبى لسانك إلا أن ينطق فيقول: سبحان الله العظيم، تبارك الله أحسن الخالقين
سمعت امرأة قروية وقد وقفت على شاطئ البحر لأول مرة في حياتها، وهي تقول: لم أر في حياتي منظرا أجمل من البحر.
ولماذا تذهب بعيدا؟ فهل في هذا الكون شيئ أجمل منك أيها الانسان؟ إنك لاشك تقرأ( لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم) فتوقن بذلك، ولعلك تعلم أنه لا أحد أجمل من أهل الجنة رجالها ونسائها، وحورها وغلمانها
إذا أنت معي أن الجمال هو زينة الوجود، ولاحلاوة للحياة بغيره
وهل تعلم كذلك أن الاسلام هو دين الجمال كما أنه دين العلم، والأحكام، والأخلاق
فالصلاة واشتراط الطهارة لها في البدن، والمكان، والملبس، وقيام الناس فيها صفوفا، والنهي أن يتقدم أحد على أحد الى درجة اعتبار ذلك منكرا يستوجب المخالفة بين القلوب هو من الجمال الذي تنبهر به العقول
ولبس أجمل الثياب في العيدين، والجمعة، والتطيب، والاغتسال فيهما هو من الجمال
وحث الاسلام الانسان على اكرام شعره، وتسريحه، ودهنه بالزيت، وقص أظفاره، ونتف ابطه، وحلق عانته، وتطيبه بأحس الطيب، وسواكه، وتنظيف ثيابه، وكراهة رده للريحان، وحتى احسان اسم ولده، كل ذلك من الجمال
والمال بجميع أنواعه، عقارا، أو حرثا، أو نقودا، أو مراكب، والأهل، والأولاد هو من الجمال( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون) ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا)
فاجهد نفسك في شكر الله تعالى على نعمة الجمال التي حبا الله بها هذا الوجود، وحباك بها ايها الانسان من أجل أن تستمتع وتسعد، ويسعد بك غيرك
ثم اعلم ان أعظم الجمال هو جمال الدين، والروح، والأخلاق،فكن جميلا فيها تكن جميلا عند الله حتى ولو كنت غير جميل الصورة
جملني الله وإياك بالدين والاخلاق الفاضلة
ليست هناك تعليقات: