( الثواب الضائع للمؤمن في الآخرة)(١) (2)..غباء الحاقدين وعملائهم د. الخميسي

( الثواب الضائع للمؤمن في الآخرة)(١)

هل يضيع على المؤمن ثواب في الآخرة كان بامكانه أن يحوزه، وترتفع بذلك درجاته في الجنة؟
والجواب: نعم، بل انه قد يضيع عليه ثواب عظيم بسبب جهله، او كسله، او ضعف ايمانه وتقصيره، 
وهاك شيئا مماقد يضيع عليه من الثواب على سبيل المثال:
١- ثواب عبادة تقدر بعشرات السنين، اومئآت السنين، او آلاف السنين، وهي عبادة الله تعالى في ليلة القدر، في العشر الأواخر من رمضان، التي يقدر الأجر فيها بأكثر من ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر ليس من بينها هذه الليلة
وتأملوا لو وفق هذا المؤمن لقيام عشرين ليلة قدٔر على مدى عمره، فانه سيأتي يوم القيامة بأجر عبادة تساوي١٦٦٦.٦٦ سنة، فاذا أمد الله بعمره ووفق لقيام خمسين ليلة مثلا في عمره، فان الحصيلة لعبادته هي٤١٦٦.٦٦ سنة غير سنوات عمره الأخرى.
أما اذا لم يوفق لقيام هذه الليلة كماهو حال أكثر الناس، فلن يكون في ميزان حسناته أكثر من عمره الحقيقي، وهذا على افتراض انه اغتنمه في طاعة الله، فاذا كان من المقصرين فلربما لايأتي الا ببضع سنوات من العمل، فأي غبن أعظم من هذا؟
وليست المسألة عند المؤمن عالي الهمة هي أن يدخل الجنة فقط، صحيح أنه من زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، ولكن النزول في الجنة والارتقاء في درجاتها هو مطلوب أصحاب الهمم العالية، وتصور وانت في درجات الجنة الدون تنظر لأهل الغرف العالية فوقك كماتنظر الى الكوكب الغابر في السماء، هذا هو مايحصل بالضبط كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فالتشمير، التشمير عباد الله
٢- ضياع أكثر من ستة آلاف درجة في الجنة.
وهذا الأجر يحوزه فقط، او في الأغلب حفاظ القرآن الكريم، العاملين به، فانه يقال يوم القيامة للحافظ المرتل للقرآن القائم به آناء الليل وأطراف النهار: اقرأ، وارتق، ورتل كما كنت تقرأ وترتل في الدنيا فان منزلتك عند آخر آية تقرؤها، أي تحفظها
وهل يعطى هذا الأجر لمن لايحفظ القرآن، لكنه مداوم على قراءته بالترتيل في ليله، ونهاره، عامل به، لايمر شهر الا وهو يختمه، ان لم يكن له أكثر من ختمة فيه؟ يحتمل، بل لعله الصواب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم(( يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة، وآل عمران تحاجان عن صاحبهما)) رواه مسلم، وفي الحديث الآخر(( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)) متفق عليه، ولم يقل: الذي يحفظ القرآن
غير انه قد يعترض بأن الدرجات خاصة بالحفاظ، ولاتعارض بينها وبين ثواب العاملين به، اضافة الى ان هذه الأحاديث قيلت بين أميين في الغالب لايقرؤن ولايكتبون، وكانوا يعتمدون على الحفظ، فالمقصود هم الحفاظ لاغير
ويقال: نعم قد يكون هذا التأويل صحيحا، لكن فضل الله تعالى واسع لايحجبه عن عباده، فهم، ولاتأويل لايستند الى دليل واضح،والله اعلم

( الثواب الضائع للمؤمن في الآخرة)(٢) 

ومن الثواب الضائع كذلك:
ثالثا: ضياع قصور ممالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولاخطر على قلب بشر، قد وصفت في الآحاديث بأن بناءها لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وحصباءها اللؤلؤ، وترابها المسك والزعفران.
هذه القصور لم تبن عند خلقه سبحانه للجنة، وقد جعل الله بناءها فيما بعد تبعا لكسب العبد وعبادته، ففي الحديث الصحيح في مسلم(( مامن عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير الفريضة الا بنى الله له بيتا في الجنة، او الا بني له بيت في الجنة))
فمن يحافظ على هذه النوافل سواء كانت من السنن الرواتب للفرائض، وهي: ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، أو كانت من النوافل المطلقة، كصلاة التهجد، وصلاة الضحى، وتحية المسجد، ونحوها من صلاة ذوات الأسباب، أو كانت مجموعة منهما، فالحديث يشملها جميعا، لأنه قال فيه(( تطوعا من غير الفريضة))، وكلها تدخل تحت هذا المسمى.
وبحساب الأرقام لو حافظ المسلم على هذا العدد من النوافل في اليوم والليلة فانه يبنى له في شهره ثلاثون قصرا، فاذا استمر في المحافظة عليها طيلة العام فان العدد يرتفع الى ٣٦٠ قصرا، ولو قدر انه حافظ عليها طيلة عمره الممتد الى خمسين، او ستين، او سبعين سنة، أو أقل، أو أكثر فان هذا العدد من القصور يرتفع الى الآلاف منها، والتي كان يحلم بقصر منها في الدنيا من طين، ولم يحصل عليه، وهذا بالطبع غير ماأعد الله له من قصور اخرى ونعيم مقيم باستحقاقه للجنة برحمة الله تعالى وفضله ومنّه
فاستقل، أو استكثر ياعبدالله، فكل ذلك بيدك
رابعا: ضياع عشرات الدرجات، بل مئآت، بل آلاف منها
وهذه الدرجات هي للمحافظين فقط على صلاة الجماعة في المسجد، ففي الحديث المتفق عليه(( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة))
فمن حافظ على الصلوات الخمس، كان له من الدرجات في يومه وليلته ١٣٥ درجة، غير الدرجات التي يحصلها من خطواته الى المسجد، لأنه قال في الحديث الآخر(( وذلك انه اذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج الى المسجد لايخرجه الا الصلاة، لم يخط خطوة الا رفعت له بها درجة، وحطت عنه بها خطيئة)) متفق عليه
وتزداد هذه الدرجات في الشهر لتصل الى ٤٠٥٠ درجة، وفي السنة لتصل الى ٤٨٦٠٠ درجة
وتستطيع أن تعرف عدد ماحصلت من الدرجات تقريبا نتيجة مواظبتك على صلاة الجماعة لسنوات عمرك الماضية، بضرب٤٨٦٠٠× مامضى من عمرك، لتحصل على النتيجة، والموفق من وفقه الله
فالله الله ايها المسلمون في صلاة الجماعة
خامسا: غراس ضائع
جاء في الحديث الثابت في الترمذي، وغيره(( من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة))، وفي الحديث الآخر فيه ايضا(( وان غراسها سبحان الله، والحمدلله، ولااله الا الله، والله أكبر))، فاغرس جنتك، وابنها إن شئت، أو ابقها قيعانا.
وقد يتساءل البعض: أليس الله تعالى قد خلق الجنة، وانتهى من خلقها بما فيها من نعيم مقيم، فكيف تقول: اغرس، او ابن جتتك بيدك؟
والجواب: بلى، لكنه جل وعلا أبقى فيها مساحات واسعة قيعانا، تركها لاجتهاد العاملين، كما في حديث الترمذي الثابت(( لقيت ابراهيم ليلة أسري بي، فقال: يامحمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولااله الا الله، والله أكبر))
والقيعان هي الأرض التي لم تزرع
فمن الناس من يوفق لزراعة جنته، وبنائها، ومنهم من لا يوفق، فيدخلها ويجدها قيعانا، وماذكرته أمثلة لما لم يذكر من الاعمال الضائعة، فاللهم وفقنا، واهدنا، وسددنا

( غباء الحاقدين وعملائهم) 

يعتقد الحاقدون وعملاؤهم انه باغتيالهم للعلماء، والدعاة، والخطباء، والأئمة المحسوبين على التيارات الاسلامية المختلفة،يمكنهم بذلك تقزيم هذه التيارات، أو انهائها، وهذا قمة الغباء، والحقد منهم، فمنذ متى كانت الاغتيالات لأفراد تنهي فكرتهم، أو تحد من انتشارها؟ بل على العكس تعتبر هذه الاغتيالات وقودا لهذه التيارات لاتزيدهم الاثباتا، وتوسعا وانتشارا، وتصميما ومضيا في الطريق الصحيح الذي انتهجوه، وذلك انطلاقا من معتقدات راسخة في قلوبهم، لاتتغير، ولاتتبدل كونها مرتبطة بإيمانهم وموعود الله تعالى.
فكيف تنتهي فكرة من يعتقد ان السبيل الذي انتهجه هو سبيل الانبياء، وان هذا السبيل محفوف بالمكاره والابتلاءات التي رتب الله عز وجل عليها الأجر العظيم، والثواب الجزيل في الآخرة، والذي ينتهي برضوان الله تعالى، ومغفرته، وجنته، وذلك غاية مايسعون اليه ويطلبون؟
وكيف تنتهي فكرة من يعتقد أن قتله لأجل دينه، ودعوته شهادة في سبيل الله، والتي يتمناها كل أحد منهم، بل انه يطلبها ويسألها، ويحرص عليها؟
وماأدراكم أيها الأغبياء والحاقدون ماذا أعد الله تعالى للشهداء؟ أعد لهم مائة درجة في الجنة مابين كل درجة، ودرجة كمابين السماء والارض؟
أولاتعلمون أن أعلى منزلة في الجنة هي منزلة الشهداء بعد الأنبياء والصديقين؟
وكيف تنتهي فكرة من يعمل للآخرة، ولايعمل للدنيا، ومن يعتقد انه موظف عند الله، وليس عند البشر، ومن همه رضا الله، وليس رضا الناس، ومن يعتقد انه لن يصيبه الاماكتب الله له، وانه لو اجتمع عليه من بأقطارها فلن يضروه الا بشيئ أراده الله له؟
فامضوا ايها العلماء، والدعاة على النهج الذي رسمه الله لكم، ولاتحيدوا عنه، واعلموا انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، وحسبنا الله ونعم الوكيل

ليست هناك تعليقات: