حكم منكر السنة المطهرة (١)و (2)..بقلم د. عبدالرحمن الخميسي

 حكم منكر السنة المطهرة (١) ..بقلم د. عبدالرحمن الخميسي



لم يختلف العلماء فيمابينهم أن من أنكر السنة وردها جملة وتفصيلا، وجحد ورودها عن النبي صلى الله عليه وسلم، او تنقصها، او شيئا ثابتا منها بيقين أنه كافر زنديق، وذلك لأنه مكذب لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ومنكر لأمر قطعي معلوم من الدين بالضرورة، ومؤمن ببعض الكتاب، وكافر ببعض، ومستهزئ بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومتبع لغير سبيل المؤمنين.
فأما كونه مكذبا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فلأن الله تعالى أخبر أن السنة وحي من عنده كما قال( وماينطق عن الهوى ان هو الاوحي يوحى) النجم٣-٤، وأنها مبينة للقرآن كما قال ( وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس مانزل اليهم) النحل٤٤، ومستقلة عنه في التشريع، كماقال( وماآتكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا) الحشر٧ وأنه يجب الانقياد لذلك، والأخذ به، كما قال( فلاوربك لايؤمنون حتى يحكموك فيماشجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء ٦٥ وأكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخبر عن الله بقوله وفعله، فقال المنكر للسنة والجاحد لها: الامر ليس كذلك، ولايصح عندي من هذا شيئ ابدا، فهل من يكذب الله تعالى ورسوله يكون مؤمنا؟
وأما كونه منكرا لأمر قطعي فلأنه لاخلاف بين المسلمين علمائهم وعوامهم منذ الصدر الاول في ثبوت السنة وتداولها في الكتب والصدور، وحفظ آلاف الحفاظ لها على مدى التاريخ حتى اصبحت معلومة علما يقينا عند المسلمين، وهذا الذي يطلق عليه العلماء: المعلوم من الدين بالضرورة والذي يحكم على منكره بالكفر بلاخلاف.
وأما كونه مؤمنا ببعض الكتاب وكافرا ببعض فلأنه فرق بين القرآن والسنة في الايمان والعمل، وهما عند أكثر المسلمين في هذا شيئ واحد لايجوز التفريق بينهما، خاصة وان النبي صلى الله عليه وسلم قد سمى حكمه وحكم الله كتابا حينما قال للمتخاصمين(( لأقضين بينكما بكتاب الله)) وقضى بينهما بالقرآن والسنة، قال تعالى منكرا على من يفرق بين القرآن والسنة( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فماجزاء من يفعل ذلك منكم الاخزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب وماالله بغافل عما تعملون) البقرة٨٥
وأما كونه مستهزئا بالنبي صلى الله عليه وسلم فظاهر من عدم إيمانه بالسنة، وعدم قبوله لها، وتركه للعمل بها استخفافا، وهذا كفر كماقال تعالى( ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) التوبة٦٥-٦٦
واما كونه متبعا لغير سبيل المؤمنين، فلأن المؤمنين صدرا بعد صدر، وجيلا بعد جيل على الإيمان بالسنة والعمل بها، فمن أنكرها لم يكن منهم قطعا، ولا هو متبع لسبيلهم قال تعالى( ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) النساء ١١٥




( حكم منكر السنة المطهرة)(٢)


- نقل الاجماع عن العلماء على كفر منكر السنة
وممن نقل الاجماع على كفر منكر السنة غير واحد من أهل العلم، منهم الامام ابن حزم رحمه الله وهو أحد الأئمة المعتمدين في نقل الاجماع، وله مؤلف خاص في ذلك، حيث قال:(( مسألة: وكل من كفر بمابلغه وصح عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أجمع عليه المؤمنون مما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام فهو كافر، قال الله تعالى( ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم - النساء١١٥)) المحلى١٢/١
وقال كذلك:(( فلابد من الرجوع الى الحديث ضرورة، ولو أن امرءا قال: لانأخذ الا ماوجدنا في القرآن لكان كافرا باجماع الأمة، ولكان لايلزمه الا ركعة واحدة مابين دلوك الشمس الى غسق الليل، وأخرى عند الفجر، لأن ذلك هو أقل مايقع عليه اسم صلاة، ولا حد للأكثر في ذلك، وقائل هذا كافر مشرك، وانما ذهب الى هذا بعض غالية الرافضة ممن قد اجتمعت الأمة على كفرهم)) الاحكام في اصول الأحكام٢٥٣/٢
وقال أيضا:(( وقال تعالى: ( ومااختلفتم فيه من شيئ فحكمه الى الله- الشورى١٠) فوجدنا الله تعالى يردنا الى كلام نبيه صلى الله عليه وسلم، فلم يسع مسلما يقر بالتوحيد أن يرجع عند التنازع الى غير القرآن، والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أن يأبى عما وجد فيهما، فإن فعل ذلك بعد قيام الحجة عليه فهو فاسق، وأما من فعله مستحلا للخروج عن أمرهما، وموجبا لطاعة أحد دونهما فهو كافر لاشك عندنا في ذلك، وقد ذكرنا عن محمد بن نصر المروزي أن اسحاق بن راهويه كان يقول: من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر يقر بصحته، ثم رده بغير تقية- أي تأويل- فهو كافر، قال ابن حزم: ولم نحتج في هذا باسحاق، وانما أوردناه لئلا يظن جاهل أننا منفردون بهذا القول، وانما حججنا في تكفيرنا من استحل خلاف ماصح عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما- النساء٦٥) قال: فهذه كافية لمن عقل وحذر، وآمن بالله واليوم الآخر، وأيقن ان هذا العهد عهد ربه تعالى اليه ووصيته عز وجل الواردة عليه فليفتش الانسان نفسه، فان وجد في نفسه مماقضاه صلى الله عليه وسلم في كل خبر يصححه مما قد بلغه، أو وجد نفسه غير مسلّمة لما جاءه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجد نفسه مائلة الى قول فلان، وفلان، أو الى قياسه واستحسانه، فليعلم ان الله قد أقسم وقوله الحق انه ليس مؤمنا، وصدق الله تعالى، واذا لم يكن مؤمنا فهو كافر، ولاسبيل الى ثالث)

الاحكام١١٠/١
وممن نقل الاجماع كذلك الامام السيوطي رحمه الله حيث قال:(( اعلموا رحمكم الله أن من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الاسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو من شاء الله من فرق الكفرة)) مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ص٢وقال كذلك:(( فلابد من الرجوع الى الحديث ضرورة، ولو أن امرءا قال: لانأخذ الا ماوجدنا في القرآن لكان كافرا باجماع الأمة، ولكان لايلزمه الا ركعة واحدة مابين دلوك الشمس الى غسق الليل، وأخرى عند الفجر، لأن ذلك هو أقل مايقع عليه اسم صلاة، ولا حد للأكثر في ذلك، وقائل هذا كافر مشرك، وانما ذهب الى هذا بعض غالية الرافضة ممن قد اجتمعت الأمة على كفرهم)) الاحكام في اصول الأحكام٢٥٣/٢
وقال أيضا:(( وقال تعالى: ( ومااختلفتم فيه من شيئ فحكمه الى الله- الشورى١٠) فوجدنا الله تعالى يردنا الى كلام نبيه صلى الله عليه وسلم، فلم يسع مسلما يقر بالتوحيد أن يرجع عند التنازع الى غير القرآن، والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أن يأبى عما وجد فيهما، فإن فعل ذلك بعد قيام الحجة عليه فهو فاسق، وأما من فعله مستحلا للخروج عن أمرهما، وموجبا لطاعة أحد دونهما فهو كافر لاشك عندنا في ذلك، وقد ذكرنا عن محمد بن نصر المروزي أن اسحاق بن راهويه كان يقول: من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر يقر بصحته، ثم رده بغير تقية- أي تأويل- فهو كافر، قال ابن حزم: ولم نحتج في هذا باسحاق، وانما أوردناه لئلا يظن جاهل أننا منفردون بهذا القول، وانما حججنا في تكفيرنا من استحل خلاف ماصح عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما- النساء٦٥) قال: فهذه كافية لمن عقل وحذر، وآمن بالله واليوم الآخر، وأيقن ان هذا العهد عهد ربه تعالى اليه ووصيته عز وجل الواردة عليه فليفتش الانسان نفسه، فان وجد في نفسه مماقضاه صلى الله عليه وسلم في كل خبر يصححه مما قد بلغه، أو وجد نفسه غير مسلّمة لما جاءه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجد نفسه مائلة الى قول فلان، وفلان، أو الى قياسه واستحسانه، فليعلم ان الله قد أقسم وقوله الحق انه ليس مؤمنا، وصدق الله تعالى، واذا لم يكن مؤمنا فهو كافر، ولاسبيل الى ثالث) الاحكام١١٠/١
وممن نقل الاجماع كذلك الامام السيوطي رحمه الله حيث قال:(( اعلموا رحمكم الله أن من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الاسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو من شاء الله من فرق الكفرة)) مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ص٢


ليست هناك تعليقات: